رسالة فنزويلا الاشتراكية - العدد الأول

أصدر بعض الشياب العربي نشرة الكترونية تحت عنوان "فنزويلا الاشتراكية" وهي مبادرة نحييها ونشجعها ونعتبرها دليلا رائعا على الاهتمام الكبير الذي تعرفه الثورة الفنزويلية في العالم العربي بين الشباب الثوري الباحثين عن بديل اشتراكي لواقع التخلف والفقر والدكتاتورية السائدة في العالم العربي.

لتحميل الرسالة اضغط على الأيقونة:

الافتتاحية

فنزويلا الاشتراكية لم تعرف الثورة البوليفارية في فنزويلا مراحل أشد حرجاً من المرحلة التي تمر بها حالياً، ولربما سنقول ذلك عن كل مرحلة قادمة. فمع ازدياد الغليان الثوري تزداد حدة المواجهات التي ترفع من شدة الخطر الموجه ضد الثورة مما يفرض عليها مناعةً أشد لتتمكن من الصمود والاستمرار في ظل هكذا ظروف.

فثمة أخطار داخلية وأخرى خارجية، صعوبات ذاتية تزامنها عقبات موضوعية. المنطقة التي كانت تبدو حتى وقت قريب هي الأكثر أمناً باتت الأشد خطراً، فالتحالف الذي صاغه الرئيس تشافيز -التحالف الوطني-لم يبدُ مهدداً بالانهيار كما هو اليوم، ولم تبدُ أطرافه مصدراً للخطر كما هي اليوم. إلا أن أسباب انهيار مستقبلي هي مدعاة للتفاؤل، فلا يمكن خلط الثورية بالبيروقراطية تماماً كما لا يمكن خلط الزيت بالماء. وإن لم يحدث الانهيار واستمر التحالف وازدادت صلابته فأسباب الاستمرار ستدعونا لتفاؤل أعظم، عندها نعلم بأن عقداً فولاذيةً كانت تعيق ثورية أحزاب التحالف قد بدأت بالزوال وسيكون المستفيد الأول من ذلك هو الثورة الفنزويلية.

إن مشاكل الثورة لا تنتهِ عند تحالف بات ركيكاً، بل إن شعبيتها التي حصلت عليها بالنتائج الملموسة ولا يستطع أحد أن ينكرها، هي أمر أساسي لثورة تتخذ من الديمقراطية دعامةً لها، ومن تطويرها والرقي بها نحو ديمقراطيةٍ عماليةٍ راسخةٍ غايةً ثابتةً. فكان لزاماً على الثورة ألا تهمل أي جانب من جوانب الحياة اليومية للفنزويليين، فلم تكن ثورة ترهيب عسكري أو قمع حزبي بل ثورة نطاقها الاجتماعي هو الأهم، ونظرة أنصارها لها هي المحدد لنجاحاتها أو إخفاقاتها حتى وإن لم تتراجع هذه الشعبية، ولا تزال حتى اللحظة تعبر عن الانقسام الطبقي والبعد الطبقي للثورة التي تؤيدها غالبية طبقة بفئاتها المختلفة، فإن هذا لا يعني التكاسل والتراخي الذي لا تحمد عقباه، بل يفرض إصراراً وجهداً عظيمين لتحقيق المزيد من التحسين في الحياة المعيشية للفنزويليين وتصحيح الأخطاء في القطاعات كافة.

ونحن بصدد ثورة تسعى نحو الاشتراكية، ويدرك جميع أنصارها وعلى رأسهم الرئيس تشافيز، بأنها لن تصل يوماً إلى مرحلة النصر النهائي ما لم تهزم آخر قلاع الرأسمالية في العالم، ولهذا كانت محاولة إقرار الدستور الاشتراكي في العام الفائت. تلك المحاولة التي لم تتحقق في حينها، والتي وعد تشافيز عقبها بأن التعديلات الدستورية ستسن بكل حال وسيتم دعم صمود الثورة الداخلي وإن بطرق قانونية أخرى. وهذا ما كان عندما أصدر الرئيس تشافيز في اليوم الأخير من التفويض الموكل إليه عدة مراسيم رئاسية تقر العديد من تلك المقترحات لتثبيت تحولات جذرية قادمة على فنزويلا.

ثورة ثابتة أقدامها في الداخل لن تحافظ على ثوريتها أو ثباتها ما لم تنطلق نحو العالم، فالثورة ولدت في جو كراهية ومحيط عدائي، وسعت لتغيير ذلك حتى وصلت إلى مرحلة باتت فيها معاداة الثورة هي الحالة الغريبة عن القارة والتقرب منها ومحاولة مواكبتها هي الغاية.

لا يمكننا أن نبالغ بتفاؤلنا ونقول بأن الثورة داخلياً وخارجياً باتت في مأمن عن أي ردة نحو الرأسمالية، فهذا الأمان لن يأتي قبل اندحار الرأسمالية العالمية، إلا أن ما يجبرنا على التفاؤل الشديد هو ما تحققه الثورة من إنجازات وانتصارات والتي تظهر نتائجها يوماً بعد يوم لتعلمنا دروساً جديدةً.

اليسار العالمي وخاصةً يسار العالم الثالث بأشد الحاجة لها، ليشاهد خياراً حياً وواقعياً وبديلاً عن خيارات سابقة أثبتت فشلها، وليتعلم من ثورة اشتراكية القرن الواحد والعشرين التي تعطي حصاداً لم نشهده من قبل، أن البناء الاشتراكي وترسيخ الثوابت الديمقراطية مهمتان يمكنهما أن تسيرا معاً بل وتلازم الواحدة منهما الأخرى، ولا حاجة لتأخير الديمقراطية بحجة البناء الاشتراكي، بل تؤكد أن البناء الاشتراكي السليم الذي يطلب منه أن يستمر ويرتقي هو ممكن إن كانت الديمقراطية الثورية سنداً له والتي هي بدورها غايته الأساس بتحرير الإنسان من كل أشكال العبودية لا باستبدال عبودية بعبودية أخرى.

لتحميل الرسالة اضغط على الأيقونة: