عاملات شركة سيل-فيكس للنسيج بكاراكاس واليوم الأممي للمرأة

  ترتبط أصول اليوم الأممي للنساء بشكل وثيق بنضالات عاملات النسيج. يوم 8 مارس 1847، دخلت عاملات النسيج وصناعة الملابس في نيويورك في إضراب للاحتجاج على تدني الأجور، طول ساعات العمل والشروط اللاإنسانية للعمل، وهو ما شكل واحدا من أوائل الحركات الإضرابية التي نظمتها النساء. لقد تم قمعهن بشراسة كما قامت قوات الشرطة بإطلاق النار عليهن.

   يوم 8 مارس 1908، وبناء على دعوة مجموعة النساء الاشتراكيات الديموقراطيات بمدينة نيويورك، خاضت أكثر من 15.000 امرأة من عاملات النسيج، من الجهة الشرقية للمدينة، مسيرة طالبت بأسبوع عمل أقصر وبالحريات السياسية. وشهدت سنة 1909، إضرابا جماهيريا شاركت فيه 20,000 عاملة نسيج بنيويورك والذي استمر طيلة أربعة عشرة أسبوع من أسابيع الشتاء الباردة القاسية. ثم في شهر مارس 1911، أدى اندلاع النار بمصنع Triangle Shirtwaist في نيويورك إلى مقتل أكثر من 100 عاملة، لا سواء بسبب الحريق مباشرة أو بسبب قفزهن من الطابق الثامن لأن الأبواب كانت مغلقة (لمنعهن من الخروج أثناء أوقات العمل بدون إذن). جميع هذه النضالات تم تخليدها من خلال اليوم الأممي للمرأة الذي أعلن في اجتماع أممي للنساء الاشتراكيات، بناء على اقتراح تقدمت به المناضلة الاشتراكية الثورية الألمانية، كلارا زيتيكين.

  يهل يوم المرأة الأممي هذه السنة ليجد 240 من عاملات وعمال النسيج، أغلبهن نساء، يحتلن بناية شركة Sel-Fex بكاراكاس. يوم 12 دجنبر، قرر أصحاب مجموعة Lony (التي تشكل شركة Sel-Fex جزءا منها)، إليونورا ستينر وطوم زيما، إغلاق أبوابها، تاركين الديون الثقيلة ملقاة على عاتق العمال والدولة والزبائن والأبناك. العاملات والعمال المنضوون في Sutratex - فرع للنقابة الوطنية للعمال، UNT-  وخوفا من أن يقوم المالكون بتهريب الآلات والبضائع والمواد الخام، قرروا احتلال البناية وبدأوا يطالبون بمصادرة المعمل ووضعه تحت الرقابة العمالية. لقد واصلوا إضرابهم طيلة ثلاثة أشهر، بما فيها فترة أعياد الميلاد والسنة الجديدة. كل هذا بالرغم من تهديدات ابن أحد المالكين بأنه لن يكون مسؤولا إذا ما اقتحم المصنع « سبعة أشخاص مقنعين يحملون الأسلحة النارية وهاجموهم.»

   لقد ضلت شركة Sel-Fex تصنع ملابس السباحة والألبسة الداخلية للنساء، لمختلف ماركات مجموعة Lony، طيلة 60 سنة. أغلبية تلك النساء اشتغلن في Sel-Fex لخمسة عشرة سنة أو ثلاثين سنة، بل هناك من اشتغلن 40 سنة. وقد ظلت مجموعة مكونة من 40 امرأة تشتغل هناك بالرغم من أنهن وصلن سن التقاعد، ليتمكن من إعالة أسرهن. وكما صرح أحد العمال، فإنه بينما كانت أجورهم تساوي 100.000 بوليفار في الأسبوع (حوالي 30 أورو) فإن بعض ملابس السباحة التي كانوا ينتجونها كانت تباع بـ 100.000 بوليفار للقطعة.

  شروط العمل كانت مريعة، كما هي الحال عند عمال العديد من معامل النسيج المحيطة بـ Sel-Fex. لم يكن مسموحا لهم سوى بـ30 دقيقة لتناول طعام الغذاء، والمطعم الذي كانوا يتناولون فيه طعامهم يوجد في الطابق العلوي، بجانب المحول الكهربائي وكانوا يجلسون على نفس المقاعد الغير مريحة التي كانوا يجلسون عليها أثناء أوقات العمل. العديد من العاملات والعمال يعانون من آلام الظهر، وصنع العديد منهم مخدات لأنفسهم لتخفيف آلامهم الناتجة عن الجلوس طيلة ثماني ساعات. كما أن وجبات الغذاء التي كانت الشركة تقدمها للعمال (لكي لا تؤدي لهم ثمن قسائم التغذية المفروضة قانونيا) كانت جد هزيلة وأحيانا كانت صلاحيتها منتهية.

  كان العمل شاقا، والمراقبون كانوا يراقبون العمال، والعداد في يدهم، لحساب كم قطعة ينتجها العمال في الساعة. لقد كان من المفترض أن ينتج كل عامل حوالي 70 قطعة (حمالات صدر أو سراويل قصيرة) في الساعة. إذا ما تمكنوا، في نهاية الأسبوع، من الوصول إلى تحقيق المعدل المحدد من طرف الشركة، فإنهم يحصلون على مكافئة بئيسة قدرها 5.000 بوليفار (1,5 أورو). سنة 1997، أجبرت الشركة العمال على توقيع معاهدة يسلمون بموجبها أجور الضمان الاجتماعي للشركة، الشيء الذي يعتبر غير قانوني إطلاقا.

  إن احتلال المعمل هو أيضا نتاج للمزاج الجديد الذي ساد داخل الحركة العمالية الفنزويلية منذ أن قامت الحكومة بمصادرة فينيبال وCNV بدايات 2005 ووضعتها تحت cogestion - التسيير الجماعي وهو شكل من الرقابة والإدارة العمالية-. في بدايات السنة الماضية بدأت عاملات وعمال Sel-Fex يناقشون مع المالكين توقيع معاهدة التسيير الجماعي. في البداية، بدا المالكون متحمسين، إذ رأوا فيها وسيلة يمكنهم الحصول عبرها على القروض من الحكومة بفوائد مخفضة. لكن عندما رفعت العاملات والعمال مطلب إعطائهم نسبة %50 من الأسهم، أوقف المالكون المحادثات وبعدها أعلنوا الإفلاس. عند هذه النقطة قررت العاملات والعمال، يوم 12 دجنبر، احتلال البناية وبدأوا يرفعون مطلب مصادرة المصنع ووضعه تحت التسيير الجماعي العمالي. إن المعمل يمتلك 600 آلة، %90 منها منتجة، في مستودع مساحته 2000 متر مربع. الشركة مدينة للدولة وللعمال بآلاف ملايين البوليفارات. إن سبب مصادرتها صحيح وواضح للعيان، وهذا ما تريده العاملات والعمال الآن. لقد شاركت تمثيلية عن Sel-Fex في الاجتماع التأسيسي للجبهة الثورية لعمال المعامل التي تم احتلالها ووضعها تحت التسيير الجماعي. ويشرح أحدهم لماذا يناضلون من أجل مصادرة المصنع ووضعه تحت الرقابة العمالية: « أريد الاستمرار في العمل، لكن ليس في معمل يعود للمالكين بل لنا. نحن يمكننا أن نديره بأنفسنا لمصلحة الثورة ولمصلحة اقتصاد البلد بأسره. »

  بالنسبة إليهم، لم يعد هذا النضال مجرد نضال ضد أرباب العمل لأجل مطالب ملموسة. إنه نضال للدفاع عن الثورة البوليفارية ولبناء مستقبل أفضل للعاملات والعمال الفنزويليين عموما. المبنى مزين الآن بصورة كبيرة للرئيس تشافيز بلباسه العسكري إلى جانب صورة للنقابة البوليفارية الجديدة UNT.

  سوف تشارك عاملات وعمال Sel-Fex، بكثافة في المسيرة التي تمت الدعوة إليها بمناسبة اليوم الأممي للمرأة بكاراكاس. وسوف يتظاهرون أيضا، يوم الثلاثاء المقبل، إلى جانب الجبهة الثورية. في اجتماع عقد أمس، شجع الرئيس تشافيز النساء على « النضال من اجل فنزويلا اشتراكية، لأنه من المستحيل في ظل الرأسمالية القضاء على التمييز والممارس ضد النساء. »

  النساء العاملات في Sel-Fex، واضحات حول أن الاشتراكية، التي يناضلن من اجلها، مبنية على سيطرة العمال على الاقتصاد. هذا هو الدرس الذي تعلموه بتجربتهم العسيرة خلال الشهور القليلة الماضية.